بقلم علي خيرالله شريف
كتب سمير جعجع على صفحتِهِ في منصة "إكس": "قال الشيخ نعيم قاسم إن أميركا ليست وسيطًا نزيهاً، بل هي الراعية الأساسية للعدوان". ثم أضاف جعجع: "شيخ نعيم، ابحث لنا عن وسيط نزيه يستطيع أن يُجبر إسرائيل على وقف اعتداءاتها على لبنان وسحب جيشها منه، ونحن لك من الشاكرين".
من يستمع إلى هذا الكائن أو إلى نوابه ووزرائه وإلى ذبابه الإلكتروني العامل تحت إمرته، يصل إلى قناعة أنهم يسعون إلى معركة كسر عظم مع ح. الله وجمهوره وحلفائه ومؤيديه من الأحزاب والأفراد من كل الطوائف والـمِلَل. والطريف في سلوكه ورهطه، أنهم يشعرون بِبَطَرِ الانتصار كلما انتصرت إسرائيل أو الولايات المتحدة في معركة، مع أنهم لو كانوا في زاوية صغيرة من تلك المعارك، لذهبوا أدراج الرياح وضاعوا بين البقايا والشظايا المبعثرة، أو لَوَلَّوا مدبرين.
ومن يُوَرِّطُ جعجع أكثر، هم أولئك الذين يصفقون له فيزيدوه إعجاباً بنفسه وبرأيه، مع أن رأيَهُ يُشبِهُ التنجيم وقراءة الفنجان. وحتى لو أتاه المسيح(ع) لِيُقنِعَه، لن يقتنع أن هذا الراعي للبقر هو راعٍ لمصالح إسرائيل ولكلِّ عدوانٍ تَشُنُّه علينا، ولن يحاول إجبارها على الانسحاب من لبنان، فضلاً عن أنه شريكٌ لها ويُسلِّحُها لاستكمال عدوانها، اعترف جعجع بهذه الحقيقة أم لم يعترف. هو لن يقتنع لأنه يعبُدُ أمريكا أكثر مما يعبد المسيح(ع)، ويُسَبِّحُ بحمدها ليل نهار، وُيُعَظِّمُ مبعوثيها حتى ولو كانوا في بلادهم مجهولي الهوية والقيمة.
هو لا يريد أن يرى ما فعلته أميركا وما زالت تفعله في أنحاء الدنيا من تدميرٍ وتخريب وإبادة للشعوب، منذ تأسيسها على جماجم السكان الأصليين في شبه القارة الهندية إلى يومنا هذا. فهذه الجرائم بالنسبة لجعجع لا تساوي شيئاً أمام مشهد جنون العظمة الذي يمارسه أثناء استعراض قواته العسكرية على السجاد الأحمر. وهي أقل أهمية من مناداتِهِ بلقب "الحكيم" الذي ينعته به الـمُدمنون على وسائل التواصل الاجتماعي لتمجيده وتصويره منقذ البشرية، ولشتم ح. الله وحلفائه ليل نهار... هذا هو فقط فخر جعجع وعزه ومنتهى بطولاته.
إن ما قاله سماحة الشيخ نعيم قاسم صحيح حتى لو عارضَهُ هذا المنتحل لصفة الحكيم. لأنها حقيقة راسخة يعرفها القاصي والداني ولا يُنكِرُها إلا شريكُ لأمريكا في جرائمها، أو أعمى البصيرة تابعٌ لها. أما مبدأ السيد جعجع فهو معارضة كل من يخاصم أميركا وإسرائيل، وسعيُهُ الدؤوب هو لإلغاء الآخر، حتى بإشعال الحروب. وللأسف لا تنفع معه كل النصائح والدعوات إلى التلاقي والحوار، ولا مفرداتِ التربية الوطنية وكتبها.
الأحد 2 تشرين الثاني 2025